بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله، ومصطفاه، وعلى آله وأصحابه ومن والاه. وأما بعد:
فلقد اطلعت على ما قاله الفريق/ ضاحي خلفان مدير عام شرطة دبي تجاه (الإخوان المسلمون) وما تحلى به من شجاعة وصراحة وجرأة وحزم وصرامة محمودة وإخلاص في النصيحة، ولقد أسدى بموقفه هذا خدمةً عظيمةً جُلّى لدينه وبلاده وأمته ـ فجزاه الله خيراً ـ.
ولكن خطر الإخوان أشد مما يتصوره متصور، وقد انكشف أمرهم بثوراتهم البشعة وأوضار أنظمتهم السرية، وأعمالهم الشنيعة على مدى تاريخهم خلال أكثر من سبعين عاماً، وقد كتب عنهم الكثير من الكتب وقيل عنهم الكثير، ووثق فيها الكثير من أعمالهم الشريرة، والتي كانت تحمل في طياتها الفوضى والخطف والتعذيب والاغتيالات الدموية, وزعزعة الأمن في شعوبهم، والدأب على المؤامرات وافتعال الأزمات، وابتزاز الأموال بغير حق، فهم لصوص المال بجدارة.
وقد قال سيد قطب الذي يسير على سنة البنا المؤسس لحزب (الإخوان) وبيعته عام 1347هـ - 1928م وعلى منهج دعوته (كما في كتابه دراسات إسلامية ص138):\\\\\\\" ليست كل كلمة تبلغ إلى قلوب الآخرين فتحركها وتجمعها وتدفعها: إنها الكلمات التي تقطر دماء؛ لأنها تقتات قلب إنسان حي.
كل كلمة عاشت قد اقتاتت قلب إنسان, أما الكلمات التي ولدت في الأفواه وقذفت بها الألسنة, ولم تتصل بذلك النبع الإلهي الحي؛ فقد ولدت ميتة ولم تدفع بالبشرية شبراً واحداً إلى الأمام, إن أحداً لن يتبناها؛ لأنها ولدت ميتة والناس لا يتبنون الأموات.
إن أصحاب الأقلام يستطيعون أن يصنعوا شيئاً كثيراً؛ ولكن بشرط واحد: أن يموتوا هم لتعيش أفكارهم, أن يطعموا أفكارهم من لحومهم ودمائهم, أن يقولوا ما يعتقدون أنه حق, ويقدموا دماءهم فداء لكلمة الحق, إن أفكارنا وكلماتنا تظل جثثاً هامدة حتى إذا متنا في سبيلها أو غذيناها بالدماء انتفضت حية وعاشت بين الأحياء.
فإلى الذين يجلسون إلى مكاتبهم يكدون قرائحهم؛ لينتقوا اللفظ الأنيق وينمقوا العبارة الرنانة, ويلفقوا الأخيلة البراقة, إلى هؤلاء أتوجه بالنصيحة: وفروا عليكم كل هذا العناء, فإن ومضة الروح وإشراق القلب بالنار المقدسة نار الإيمان بالفكر هو وحده سبب الحياة, حياة الكلمات, وحياة العبارات\\\\\\\"؟!!!.
انظر إلى هذه الثورة الدموية النكدة الماحقة في دعوة الإخوان.
وقد اجترها وطبقها كثير ممن تأثر بفكر الإخوان، فأسال الدماء وأساء في المحيا والممات إلى نفسه ودينه وأمته، وكانوا ينقلون كلام سيد هذا ويشيعونه في المجتمعات دون الإشارة إليه؛ فهذه منهجية الإخوان.
وقال مثل مقالة سيد قطب كثير من قادة (الإخوان) كالقرضاوي وعلي جريشة وغيرهما،وكثير من الأتباع، وأفسدوا بهذا الفكر وبهذه الثورة الدموية فساداً كبيراً في الدين والدنيا، وراح وقوداً لنارها زهرة شباب الأمة، فحسيبهم الله ونسأل الله أن يحول بين الإسلام والأمة وبين ما بقي من فتنتهم.
وأكبر فضيحة لـ(لإخوان) هذه الأحداث التي سميت بـ(الربيع العربي) حيث إنهم مذكون لأواري هذه الفتنة، وقد فرحوا بها وبدل نقمتها جعلوها نعمة؛ لأنهم أهل فتنة ويفرحون بالفتن، وقد خرجت قرون قادتهم فيها - وعلى رأسهم القرضاوي - فخبوا فيها ورقوا ولا زالوا، ونحن نجزم أنها كشفتهم وستكشفهم أكثر من غيرها، وبأيديهم وبإعلامهم المتآمر، وهكذا وكما قيل:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
والإخوان لم ينجحوا يوماً طوال تاريخهم بدءاً من مؤسسهم البنا وانتهاءاً بقادتهم بعده إلى اليوم إلا بإحداث الفتن، ولا يتم لهم أمر أبداً، وهذا مصداق ما ثبت فيه الحديث «كلما خرج منهم قرن قطع حتى يخرج في بقيتهم الدجال»؛ فشبههم في فتنتهم الدجال وخلفهم يتبعونه، ويصدق فيهم - أيضاً - « دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها»، ومن قال في وصفهم في هذا الحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا»، وهم يزعمون لأنفسهم ما لم ينالوا؛ لأنهم محاربون لله:
زعمت سخينة أن ستغلب ربها وليُغلبن مغالب الغلاب.
وهل من ينادي بـ(الدمقراطية ) و(الحكم المدني) الذي هو التعددية التي لا علاقة لها بالإسلام وتحكيم الشريعة، وإنما هي تأليه الإنسان: يشرع ويقضي وينفذ، ألا يكون عدواً ومحارباً لله؟!!، كما يفعله وينادي به ويدعو إليه (الإخوان).
ولقد أضروا بالإسلام وأساءوا إليه – بتحريفهم له وانتحالهم ما ليس منه باسمه ونسبته إليه - إساءة بالغة ونفروا منه ومن دعوته حتى ليصدق على ما فعلوه من الإساءة إليه:
وأبرزتني للناس حتى تركتني لهم غرضاً أُرمى وأنت سليم
ولو أن قولاً يكلم الجلد قد بدا بجلديَ من قول الوشاة كلوم
وانكشاف حالهم بأفعالهم هو في حقيقته غني عن البيان وكما قيل:
وليس يصح في الأفهام شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
وهم لا يخافون الله ولا يستحيون مما يفعلونه، ولقد صدق فيهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت».
وهم في جميع الدول دولة داخل دولة أو دولة في الظل محاربة وغير موالية، ولا ترى إلا نفسها، وتتربص في الدولة الدوائر، وترى كل شيء دون الكرسي لها إلى كرسي الحكم، وشأنها دائماً الهدم لا البناء والفتنة لا الصلاح والإصلاح، خلاف ما تدعيه لنفسها، ويصدق على هذا الحزب النكد:
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها عند التقلب في أنيابها العطب.
وقد قال عن فتنتهم سمو الأمير نايف بن عبد العزيز –حفظه الله- فيما نشرته جريدة السياسة الكويتية من سنوات: \\\\\\\"لكني أقولها: من دون تردد إن مشكلاتنا وإفرازاتنا كلها-وسمها كما شئت- جاءت من الإخوان المسلمين ...، ماذا أقول لك لقد تحملنا الكثير منهم، ولسنا وحدنا الذين تحمل منهم الكثير؛ إنهم سبب المشاكل في عالمنا العربي وربما في عالمنا الإسلامي\\\\\\\".
وقال – أيضاً -: \\\\\\\" وبعضاً من تنظيم (الإخوان المسلمين) [يعني القادة المنظرين] أضروا بأمتهم من خلال تسييس الإسلام لأهداف ذاتية، وإن الدراسة المنصفة لهذا التنظيم ستبين بوضوح أن الكثير منهم اعتمد منهجاً يرتدي عباءة الإسلام لزعزعة الأمة وتفتيتها بالتشكيك في قيادتها، ليس من حيث النهج السياسي فقط، ولكن التشكيك في العقيدة والانتماء للأمة ومصالحها، ولم يكن ذلك مبرراً أكثر من حرص هذا البعض على انتزاع القيادة والحكم بالقوة، وهذا منهج ليس من الإسلام في شيء، بل إنه احتكار للمعرفة والتفسير العقدي دون وجه حق يأخذ في الاعتبار المصالح العليا للأمة\\\\\\\"، فقد تنبه الأمير نايف إلى خطر هذا الحزب وما ضمت عباءته مبكراً بعد طول معاناة منه وسبر لحقيقته.
قلت:وخطرهم داهم لدول الجزيرة عامة، وقد استغلوا إتاحة العمل لهم فيها وتغلغلهم في أعمالها ومؤسساتها والحصول على الأموال مما قوى نشاطهم ومكنهم من التأثير في مجتمعاتها، وما قاعدتهم فيها عريضة أو أعرض فخطرهم عليها أشد، وما الإرهاب والإرهابيون وما يسمى بـ (القاعدة) إلا من تفريخهم وثمراتهم الحبطة ومساربهم العفنة والنتنة.
والحقيقة أن خطرهم في الداخل والخارج، في الداخل: بالتربية ونشر الفكر والتآمر بإفساد المجتمع في ذاته، وإفساده على ولاته، واستغلالهم في ذلك وسائل الإعلام فيها، ومحطاتهم ومواقعهم التي يملكونها؛ فهم إعلاميون من الطراز الأول، ولا يسمحون باعتلائها لغيرهم، وفي الخارج باستخدامهم الإعلام الكافر الذي يسمح لهم، فيوجهون غزوهم من الخارج إلى الداخل ويسلطونه على شعوبهم.
ونحن - لما ذكرناه من بلوى هؤلاء - نؤيد كل صوت حق صادق وناصح ينهى عن منكرات الإخوان ويأمر بالمعروف خدمة لديننا وأمتنا وبلادنا، وإذا كانوا يتعاونون على الإثم والعدوان فنحن نتعاون على البر والتقوى.
وقد قال الله – تعالى - ]وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[.
ومن هذا المنطلق حذرنا منهم على مدى ما يزيد على ثلاثين عاماً، وسنضل كذلك - إن شاء الله - ما حيينا، ونهيب بكل من يغار على هذا الدين وينصح لهذه الأمة، على حد قوله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» ثلاثاً: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»؛ فيكون بذلك قد أدى النصيحة كاملة وذلك هو الدين، وهو ما قام به أخونا ضاحي خلفان - وفقه الله -.
والتفصيل في كتابنا : (تنبيه العقلاء إلى فتنة الإخوان في الدين والدنيا والدماء ).
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد خير المرسلين وقائد الغر المحجلين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
كتبه:
فالح بن نافع بن فلاح الحربي
المدينة النبوية، في 2/5/1433هـ